أشار رئيس حكومة سابق الى إن "رئيس الحكومة المكلّف بتشكيل الحكومة الجديدة سعد الحريري، تصرّف كرجل دولة عندما توجّه إلى قصر بعبدا للقاء رئيس الجمهورية ميشال عون، في محاولة جديدة لتذليل العقبات التي لا تزال تؤخِّر عملية التأليف، متجاوزاً الاعتبارات الشخصية ومنها المفاعيل السياسية السلبية التي ترتّبت على توزيع الفيديو الذي اتهمه فيه عون بالكذب، ويؤكد أن مجرد ذهابه للقاء عون أراد توجيه رسالة إلى الداخل والخارج في آن معاً مفادها أنه عطّل الكمين الذي نصبه له رئيس الجمهورية والذي أراد منه أن يستفزّه لعله يتّخذ قراره بمقاطعته، لكن ما تمنّاه من وراء تسريبه سرعان ما ارتدّ عليه بإصرار الحريري على التواصل معه".
ولفت رئيس الحكومة السابق، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، لـ"الشرق الأوسط" إلى أن عون تناوب بالتكافل والتضامن مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، على نصب الكمائن للحريري لعله يُقْدم على رد فعل غاضب بإعلانه الاعتذار عن تشكيل الحكومة، خصوصاً أنه لم يعد لديهما سوى هذه الورقة لاستخدامها من أجل التخلُّص منه بعد أن عجزا عن تطييف عملية التأليف وصولاً إلى إحداث انقسام يأخذ البلد إلى جولة جديدة من الصراع المذهبي والطائفي".
واكد أن الحريري لم يتوجّه إلى بعبدا من باب مجاملة عون والوقوف على خاطره فحسب، وإنما بناءً على رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يربط زيارته الثالثة للبنان بتسهيل تشكيل الحكومة، وبالتالي لم يكن في وارد إيفاد مستشاره باتريك دوريل، إلى بيروت للقيام بجولة جديدة من المشاورات لأنه لا مبرر لها ما دامت عُقدة تأخير ولادة الحكومة كانت وما زالت عند عون وفريقه السياسي المحسوب عليه.
وراى رئيس الحكومة السابق أن خيارين يحاصران تأخير تشكيل الحكومة لا ثالث لهما، الأول أن تشكّل حكومة محاصصة لاسترضاء السياسيين بذريعة أن هناك حاجة لتأييدهم لضمان حصولها على ثقة البرلمان، وهذا يعني أنها ستولَد عرجاء من الزاوية الاقتصادية والمالية بسبب إحجام المجتمع الدولي عن مساعدتها ولو بقرش واحد، فيما الخيار الثاني هو المطلوب ويقوم على تشكيل حكومة مهمة من اختصاصيين ومستقلين من غير المنتمين للأحزاب تستعيد ثقة اللبنانيين ومن خلالهم المجتمع الدولي الذي يشترط بلا أي تردُّد وجود مثل هذه الحكومة بوصفها الممر الإلزامي لوقف الانهيار المالي والاقتصادي.